مع هبوب نسمات فصل الصيف وتوارد أفواج الأشقاء العرب وغير العرب علي مصر للسياحة وقضاء الاجازات تنتعش ظاهرة أو بالأصح "مهنة" التسول التي كلما نظرنا حولنا وجدناها تستفحل وتتوغل بالمجتمع حيث أظهرت آخر الإحصائيات الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية أن هناك 11059 منهم 7357 طفلاً أي بمتوسط سنوي 1471.4 طفلاً سنوياً على مستوي الجمهورية.
وبتقسيم هذا العدد علي محافظات الجمهورية ظفرت القاهرة بنصيب الأسد حيث ضبط بها 4333 متسول تلتها الإسكندرية بعدد 1572 متسول, في حين شهدت الظاهرة ارتفاع ملحوظ مؤخراً بمحافظات الوجه القبلي والبحري .
وعزت الإحصائيات ارتفاع معدلات المتسولين بالقاهرة إلي نزوحهم من محافظات "بني سويف – بنها – القليوبية – الفيوم" بحثاً عن فرصة أفضل للعمل والكسب.
ولم تعد صورة المتسول الآن كما كانت من قبل يستجدي عطفتك بتيمة "لله يا محسنين وحسنة قليلة تدفع بلايا كثيرة" وإنما بدأت تتلاشي تدريجياً صورة المتسول ذات الملابس الممزقة البالية القذرة ليتم استبدالهم بشريحة تتجمل وترتدي أحسن الثياب ويسألون بمنتهي التهذيب مما يشعرك بالشفقة الشديدة نحوهم التي تصل إلي حد شعورك بأن عينيك ستذرف دمعا على كرامة هذا الفرد المهدرة اعتقادا منك أنه "عزيز قوما ذل".
متسولون على كل لون
ويبدو أن التسول يحمل في طياته إغراءات شتي تجعل الأفراد يهرعون إليه تاركين وظائفهم حيث أكدت الدراسات الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تقول أن " الأنماط الجديدة من المتسولين تتمثل في أشخاص كانوا يعملون بالسابق سائق أو مزارع أو موظف أو طالب أو جندي وما دفع بهم إلي التسول الظروف
الاقتصادية, لأن التسول من وجهة نظرهم أخف وطأة من السرقة".
وهناك حوادث كثيرة تدل على امتهان أصحاب الوظائف للتسول أبرزها حكم بالحبس لمدة أسبوع على وكيلة مدرسة ابتدائية ضبطت متلبسة بفعل التسول بشوارع وسط المدينة مدعية أنها جاءت إلي القاهرة للعلاج وفقدت حافظة نقودها بينما ضبط معها مبلغ 500 جنيها كحصيلة من التسول .
وتوضح الدراسات ان ارتباط التسول يأتي في المقدمة بالأماكن والمناسبات الدينية تليها الميادين العامة والأماكن السياحية ثم المدارس والجامعات والمواصلات العامة.
مظهر المتسول
هناك متسول مازال يحتفظ بالصورة القديمة له يرتدي ملابس بالية ويفترش الأرض ويمد يده طلباً للمساعدة أو يكشف عاهته ليتسول بها .
وبوسائل المواصلات نجد التسول يتجلي في أوضح صوره إذ كنت جالسة بإحدي وسائل المواصلات ذات يوم وإذا بي أجد طفلاً في العاشرة من العمر ولا يزيد عن هذا العمر "حدث" صعد إلي الحافلة وقام يتوزيع ورقة مطوية على الركاب مكتوب بها "والدي متوفي ووالدتي مريضة وتحتاج إلي العلاج ولدي4 أخوات أقوم بالإنفاق عليهم ونسكن في حجرة إيجارها 250 شهريا " انتابتني دهشة شديدة لظروف هذا الطفل وهذا الكم الهائل من الأفراد الذين يعولهم هذا الطفل في حين أنه في حاجة إلي من يعوله ومؤكد أن كل هذا تلفيق.
وأمام محطة مصر بالذات يتواجد الكثيرون من الأشخاص الذين يرتدون ملابس رثة تدل على رقة الحال يقومون بدفع كرسي متحرك يرقد عليه جسد مكوم يرتدي ملابس بيضاء وإذا بمن يدفع الكرسي يصيح قائلا ابنتي تعاني من السرطان وتتناول علاج كيماوي واحتاج إلي المساعدة يا أهل الخير مردداً الدعاء التالي "ربنا ما يحرق قلبكم على غالي أو عزيز, ربنا يكفيكم شر المرض".
ونجد أن التسول على هذه الطريقة أصبح موضة قديمة وبدأ بالتلاشي تدريجياً لتحل محله أساليب جديدة من التسول ليصبح المتسول آخر صيحة .
متسول نيولوك
كنت سائرة ذات يوم واستوقفتني فتاة مظهرها يدل على العفة والوقار ترتدي الزي الشرعي والنقاب لتقول لي هناك إحدي الأخوات تتزوج وهي غير قادرة مادياً فهل من الممكن أن تساعدينا يا أختاه بأى مبلغ والغريب أنها كانت تطلب بحد أدني 5 جنيهات أي أنها محددة التسعيرة مسبقاً .
كما روت لي أستاذة بعلم الاجتماع أنها كانت تسير بسيارتها ذات يوم واستوقفتها سيدة تستقل سيارة لتقول لها أن البنزين نضب من السيارة وأنها تحتاج إلي مبلغ من المال لتملأ سيارتها بنزين فقامت بالعرض عليها أن تذهب معها إلي محطة الوقود وبالفعل ذهبت معها ليجد عامل البنزين أن السيارة كما يقولون full tank .
ويقول لي عمر مهندس معماري أنه فتح باب شقته على أثر طرقات خفيفة عليه فوجد رجلاً وقوراً مهذبا يقول له ابنتي تحتاج إلي عملية وأنا موظف ولا املك غير راتبي وقد بعت كل ما أملك فهل من الممكن أن تساعدني بأي مبلغ مالي .
أي أن التسول ورائك أينما ذهبت وقد يصبح مستقبلا "دليفري" , في حين أصبحت أحدث طرق التسول الآن تتمثل في ارتداء الملابس الفاخرة و الزي الشرعي الذي لا يعد دليل على العفة والوقار في هذه الحالة وإنما "عدة الشغل ووسيلة لتقليب الرزق".
مين السبب فى وجود الناس دى بهذه الاعداء فى ام الدنيا ؟؟؟؟ مصر الحكومه ام الشعب ام المجتمع وايه الحل فى الناس دى