رغم مرور 56 عاما على الثورة إلا أن بعض أسرارها لم تتكشف بعد وأبرزها لغز وفاة قائد الجيش حينئذ المشير عبد الحكيم عامر والذي كانت تربطه صداقة قوية بالرئيس جمال عبد الناصر ، فبعد هزيمة 5 يونيو ، أعلن رسميا في 13 سبتمبر 1967 أن عامر انتحر بسم السيانيد فلقي مصرعه في الحال بفيللا صغيرة بإحدى ضواحي الجيزة ، لكن هناك شكوكا في تلك الرواية من قبل أسرته والمقربين منه ، الذين أشاروا إلى أن المخابرات هى التي قتلت المشير لأنه كان يفكر في الاستيلاء على الحكم وإقالة عبد الناصر .
الخلاف تصاعد بين ناصر وعامر بعد الهزيمة
وإلى أن تتكشف الحقيقة في هذا الشأن يكاد يجمع من عاصروا تلك الفترة أن عامر هو الذي يتحمل مسئولية هزيمة 5 يونيو ، ففي حوار أدلى به لموقع المؤرخ الإليكتروني مؤخرا ، أكد اللواء طيار متقاعد محمد زكي عكاشة الذى شارك في حروب عام 67 وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 73 ، أنه فى عام 67 تعرضت القوات المسلحة ومصر كلها لنكسة بالغة لكن القوات الجوية كانت أكثر فروع القوات المسلحة تأثرا بها ، قائلا :" إن وجود قيادة عسكرية هي المشير عبد الحكيم عامر على رأس القوات المسلحة إضافة إلى التسيب وعدم الانضباط كانت سلبيات.. عامر لم يكن مؤهل، كان معدوم الخبرة لقيادة قوات مسلحة بحجم القوات المسلحة المصرية فهو ترقى من رائد إلى لواء إلى مشير في خلال سنة أو سنتين!، فهو لم يكن الشخصية أو العيار الثقيل الذي يمكن أن يقود القوات المسلحة".
شهادة سامي شرف
ومن جانبه ، كشف سامي شرف مدير مكتب الرئيس عبد الناصر لشئون المعلومات في مذكراته التي نشرها تباعا بصحيفة "الخليج" الإماراتية، وقائع الأيام الأخيرة من حياة المشير عبد الحكيم عامر والعديد من أسرار الأزمة التي بدأت تشتد عقب نكسة يونيو ، مؤكدا أن عبد الحكيم عامر هو المسئول عن الهزيمة العسكرية .
واستطرد يقول :" العلاقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر فسدت علي نحو درامي وسريع عقب فجيعة نكسة يونيو المدوية،التي أصدر الرئيس عبد الناصر بعدها قرارا بتنحية عبد الحكيم عامر عن قيادة الجيش وتعيينه نائبا للرئيس، وهو القرار الذي رفضه المشير بشدة، وحزم حقائبه واتجه إلي بلدته في الصعيد ليقضي بها بعض الوقت، غير أنه سرعان ما عاد إلي القاهرة بعد أيام وتحديدا في أول يوليو 1967، واستقر في منزله بالجيزة " .
وأضاف أن نية الرئيس عبد الناصر كانت قد استقرت حينذاك ودون تراجع علي تنحية عبد الحكيم عامر ومعه وزير الحربية شمس بدران ، قائلا :" المشير كان ينظر إلي الجيش علي أنه إقطاعية تابعة له ولا يريد التنازل عنها تحت أية ظروف، بل أنه كان يري أيضا في استرداده سلطاته في الجيش بمثابة رد اعتبار له في ضوء مسئوليته الكبرى عن وقوع الهزيمة العسكرية، في نفس الوقت الذي كان يسعى فيه الرئيس عبد الناصر إلي إعادة بناء قوات مسلحة جديدة محترفة ووفقا لمعايير تختلف تماما عما كان سائدا قبل النكسة، والعمل علي إبعادها عن الصراعات السياسية وتفرغها الكامل للمعركة القادمة من أجل استرداد الأرض المحتلة" .
شهادة الجمسي
وفى مذكراته عن حرب أكتوبر ، قال اللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر :" بينما كنت أجلس مع اللواء أحمد إسماعيل ليلا فى جبهة القناة نراجع-كالمعتاد يوميا ـ نشاط العدو فى سيناء وكذا نتائج أعمال قواتنا ، قبل أن يتوجه كل منا إلى خندق النوم المخصص له ، دق التليفون وكان المتحدث هو الفريق أول محمد فوزي من القاهرة ، وكان هدف المكالمة هو إخطارنا بانتحار المشير عامر فى منزله بمادة سامة شديدة المفعول كان يخيفها ملاصقة لجسمه تحت الملابس الداخلية " .
وأضاف قائلا :" أخذ اللواء أحمد إسماعيل يناقشني في رد الفعل المنتظر لهذا الحادث بين القوات فى الجبهة ، ووصلنا إلى نتيجة مؤكدة هى أن انتحار المشير عامر لن يكون له تأثير عام فما زالت حرب يونيو بأحداثها ونتائجها المريرة تترك أثرها العميق فى نفوس كل العسكريين بعد أن فقدنا سيناء ، واستشهد لنا الآلاف من رجال القوات المسلحة ، ولم يكن أحد قد نسى دور عبد الحكيم عامر فى الهزيمة كقائد عام للقوات المسلحة . واستعدنا معا الحالة السيئة التى وصلت إليها القوات المسلحة فى ظل قيادته ، وكان ذلك سببا رئيسا من أسباب الهزيمة ".
